حليمة "الماسية السمراء"

الشِّعرُ أحياناً يشاطرنا الغضبْ

والظُّلمُ حُرّمَ في السماء

عجبي على من أدخلوهُ حياتهم

كلّ العجبْ

مابين أعواد القصب

نهضت حليمة ماسة سمراء

تخبز حلمها في ليل افريقيا

هذا الموشى بالذهب

الشّعرُ أحيانا يُشاطرنا الغضبْ

غضبُ المشاعرِ حينَ سمعتْ صوتها

ترثي عقولاً ...

سادها جهلٌ تمرّدَ حيثُ شاءْ

فتعاتبُ الأديان والأشياءْ

وتُسائلُ العاداتِ:

منْ أعطاكِ حقاً

باسمِ حفظِ أنوثتي أن تُغتصبْ؟

ماذا جنيتُ لتسلبي مني الأحاسيس الجميلة كلها

وأنا التي صدري أنارَ الكونَ أملاً ما انتهى

إني البراءةُ والحنانُ

أضأنَ في عينايَ من بين الهدبْ

كانت إذا شقّ الصباح قميصه

عن صدرها القمحي

تطلع شمسها

ويطلّ سرب زنابق مقطوفة من حلمها

ذاك’ الذي يختال تحت عباءة الأشجار

عرس الورد أم هو عرسها ؟؟

كانت حليمة قمحة مجبولة بالجوع والمطر البخيل

وفراشة من زغب كفيها يفوح الفلفل البلدي

والشاي المعطر بالأسى والزنجبيل

قدمان حافيتان ينخر فيهما طقس الخرافة والتعب

ماذا تبقى من حليمة بعد تلك الليلة ال ......

غضب ....

وما أدراك ما ذاك الغضب ...!!

الشّعرُ أحياناً يشاطرنا الغضبْ

يشكو أنوثتكِ البريئةَ

كيف يمكنُ أن تضيعَ وتُنتهبْ

هو صوتكِ الممزوجُ بالآهات

يكتبُ كلّ معنىً من معاني الظلمِ

قبلكِ ما انكتب!

مابين أعواد القصب

شقّ السكون صهيل دمعتها

وزمجر فوق ذاك الأفق عنبر صوتها

ويكاد يلتبس النداء

الورد منتحبٌ على الأوراق أم هي تنتحب ...؟؟؟

الشّعرُ أحياناً يشاطرنا الغضبْ

إذ صار فيها كلّ جزءٍ خائفاً

من كلّ رجلٍ إن أتاها واقتربْ

في كلّ عينٍ دمعتانِ من الأسى

ما زالتا تتساءلانِ عن السببْ

مابين أعواد القصب

هبّ المساء مشجراً بالموز

في غابات دمعتها الحقول ترنّ في

أقدامها الكسلى

خلاخيل العنب

صارت حليمة نعجة سوداء ساقوها

إلى ينبوع مذبحها

وعيناها مسمرتان من فزع الذهول

تترقب الأحوال ماذا في

يد المجهول

ماذا جنيت ليقتلوا

حلمي البتول

صاحت حليمة وانسكب

دمعٌ بعينيها هطول

قالت حليمةُ ....

اين من يرفو جراحا" تستجير

قبل الزمان

ومنذ آلاف العصور

ماذا أقول ...؟؟؟

ماذا أقول ؟؟؟

الشّعرُ أحياناً يفتشُ عن صُورْ

كي يشعلَ الأحلامَ من نور القمرْ

هي هكذا بعض الأماني

يا بريئة تختصرْ

يا طفلتي السمراءُ

قد وأدوا الأنوثة ...

إنهم يخشونها

هو هكذا مفهومها في شرعهم

فيها الخطرْ

هم حاولوا تحريف كل حروفها ...

بين البشرْ

فلمَ العتبْ؟

ودماؤكِ الحمراء تصرخُ

في غضبْ

تستصرخُ الإحساسَ فينا

والمشاعرَ والمعاني

والأدبْ

قتلوا عصافير الطفولة في دم

شكلته عبر الليالي

من شرايين الحقول

شمعات عمري تنتحر

أنا حرّةٌ كيمامة

كتبت قصائدها نجوما"

في قميص الياسمين

أنا حرّةٌ كضفائري السوداء

تبتكر البراءة في صباح منتظر

ستطلّ شمسي عاجلا أم آجلا

من ليل إفريقيا دمي

وغداً أوزع كلّ أطباق القرنفل

للعصافير اليتامى اغتيل من يدها الشجر

فمتى أرى الأقمار

تلبس ليل إفريقيا

الصبايا يحتضنّ الورد والحلوى

وأرغفة المطر

وغداً يفيض القمح بين أصابعي

ويطلّ من ظلمات إفريقيا قمر

الشعرُ يعزفُ يا حليمةُ لحنهُ

فوق الوترْ

أن الأنوثةَ كالسحابِ

محملاتٌ بالمطرْ

إن الأنوثة كالقداسةِ

ليسَ ينفعُ تحتقرْ

قولي لهم أن الجمالَ لكِ انحنى

أن الورودَ أتتكِ تقتبسُ العبيرَ

وتنثرُ العبقَ المخبأ في الزهَرْ

قولي لهم أن المعاني كلها

بعد الأنوثة تحتضرْ

الثنائية الشعرية العربية الأولى بين الشاعر رامي أبو صلاح والشاعرة هيام منور، المقاطع بالأصفر هي ما نظمه الشاعر وبالرمادي ما نظمته الشاعرة هيام